1947 - 2022
الدكتور صلاح الخالدي
المولد والدراسة
ولد د. صلاح الخالدي بفلسطين في مدينة جنين، في 18 المحرم 1367هـ/ 1 ديسمبر 1947م، ودرس في جنين بالمدارس الحكومية حتى الصف الثاني الإعدادي، ثم توجه إلى الدراسة الشرعية، وانتقل إلى نابلس للدراسة في المدرسة الإسلامية، وهذه المدرسة كانت مرتبطة مع الأزهر، فكان الطلاب الأوائل يذهبون في بعثة للدراسة في الأزهر، وقد تيسر له الحصول على البعثة ثم سافر إلى القاهرة عام 1965م.
وهناك أخذ الثانوية الأزهرية، ثم التحق بكلية الشريعة وتخرج فيها عام 1970م، ثم عاد إلى الأردن لأن الضفة الغربية كانت قد احتلت عام 1967م، وسجل لدراسة الماجستير عام 1977م في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وحصل عليها عام 1980م، ثم حصل على درجة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن عام 1984م من الجامعة نفسها، وكانت الرسالة بعنوان “في ظلال القرآن دراسة وتقويم”، وأشرف عليها أيضاً أ.د. أحمد حسن فرحات، وناقشه في الرسالة عالمان مشهوران هما الشيخ مناع القطان، رحمه الله، وأ.د. عدنان زرزور، العالم القرآني المعروف.
الوظائف الدعوية والعلمية
عين واعظاً بوزارة الأوقاف في مدينة الطفيلة بالأردن، وعمل مراقباً للتوجيه الإسلامي (مساعد مدير أوقاف) في عام 1974م بمدينة السلط، ثم عُيِّن في كلية العلوم الإسلامية في عمَّان في عام 1980م بعد حصوله على الماجستير وبقي فيها حتى عام 1991م، وكان عميداً لها في آخر سنتين، ثم أصبح مدرساً في كلية أصول الدين- جامعة البلقاء التطبيقية.
وخلال الفترة من عام 1981 – 1994م عمل خطيباً وإماماً في مسجد عبدالرحمن بن عوف في منطقة صويلح بعمَّان.
علاقته بجماعة الإخوان المسلمين
يقول حول هذه العلاقة:
أذكر وأنا في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة جنين، تعرفت على بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وكانوا يأخذونني لشعبة الإخوان بجنين لنقرأ القرآن والصحف وغيرها من الأنشطة.
تعرَّف إلى جماعة الإخوان وعمره كان 13 عاماً، حيث التقى بقادة الإخوان بجنين أمثال الشيخ فريد جرار، وتوفيق جرار.
كانت التربية والنشأة الدينية لدى الشيخ هي الدافع القوي الذي جعله يسلك درب الإخوان، حيث التحق بهم في عام 1963م، وظل معهم وقد حدث بعض الاختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا فترك الجماعة على إثرها (إلا أنه عاد مرة أخرى إلى أحضان الجماعة).
المشايخ الذين تتلمذ على أيديهم
مؤلفاته
عدد المطبوع من مؤلفاته بلغ 45 كتاباً، منها:
المصدر: مجلة المجتمع الكويتية
وفي مقابلة منشورة على موقع "هيئة علماء فلسطين" نورد بعض الأسئلة وجوابها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية:
هل لك من ذكريات في فلسطين؟
نعم، أنا خرجت من فلسطين سنة 1965 وكان عمري آنذاك 18 سنة، أي كنت شاباً كبيراً، وأتذكر عن فلسطين كل شيء.. جنين وما حولها، وجنين مدينة كنعانية، وسميت بهذا الاسم قبل ولادة أول إسرائيلي في التاريخ وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
بعد شهر من مولدي عام 1947 احتل اليهود مدينة جنين كما قال لي والداي، وجاء الجيش العراقي وقاتل اليهود وحرر المدينة ووصل العراقيون إلى مشارف مدينة حيفا وكانوا يريدون أن يحرروا حيفا لكن الملك عبد الله الأول وعبد الإله في بغداد أوقفوا الجيش العراقي عن التقدم وتحرير فلسطين، فذكرياتي عن فلسطين أن الشعب الفلسطيني شعب مجاهد ورجالها مجاهدون.. لقد رضعنا ونحن أطفالاً وشباباً ألبان الوطنية والثورية منذ صغرنا.. مدرستنا التي درست فيها في جنين أسمها مدرسة حطين وكنت عندما أدخل المدرسة وأنا طالب في الابتدائي والإعدادي أتذكر حطين ومعركة حطين وتحرير صلاح الدين للأقصى وفلسطين، فعشنا وأنفاسنا كانت تتحدث عن فلسطين وعن تحريرها، حتى عندما كنا نذهب -وكانت حدود هدنة سنة 48 عند جنين في منطقة الجلمة- كنا نذهب هناك ونقف عند البوابة وننظر إلى فلسطين المحتلة ونتذكر وجوب تحريرها.. كان بيتنا في جنين على قمة جبل مرتفع اسمه جبل “أبو ظهير، وعندما كنت تقف على ذلك الجبل كنت ترى أمامك “مرج ابن عامر” السهل الفلسطيني العجيب الرائع العظيم، وكنت يومياً أقف على قمة الجبل أنظر إلى مرج ابن عامر صيفاً وشتاءً وأتملى جماله وروعته واليهود كانوا يحتلونه، عشنا أنفاس كره اليهود ووجوب الرباط ووجوب الجهاد لتحرير فلسطين، فنشأنا على هذا الأمر وعلى هذه النية وتعرفنا على سادتنا علمائنا المجاهدين المرابطين، وما زلنا على هذه النية نية الرباط والجهاد ووجوب العمل على تحرير كل فلسطين كامل فلسطين، أسأل الله تعالى أن يرينا تحريرها في أيامنا قبل أن نلقاه وأن يتوفانا ثابتين عير مبدلين ولا مغيرين لهذا الاعتبار.
إن فلسطين مبرمجة على أنفاسي ونبضات قلبي منذ أن فتحت عيني على الحياة وحتى هذه اللحظة، وأسال الله أن يتوفاني وأنا من أهل الوفاء لقضيتنا ولمقدساتنا ولأرضنا المباركة.
نود أن نتعرف على بعض جهودكم ونشاطكم تجاه الأقصى والقدس وفلسطين ومن هو جمهوركم المستهدف من تلك الأعمال؟
كما قلت، فإن الأقصى والقدس وفلسطين ووجوب الجهاد لتحرير كامل التراب الفلسطيني هو جزء من حياتي، فأنفاسي ونبضات قلبي منظمة عليه والحمد لله رب العالمين، ومهما فعلنا تجاه ذلك فنحن مقصرون، وقضيتنا هذه هي قضية المسلمين الأولى وقضية كل مسلم والتي لا يجوز أن يقدم عليها أية قضية أخرى.. الأقصى والقدس وفلسطين قضيتنا الأولى جميعاً وعلينا أن نتذكر هذا باستمرار، وأنا رغم أنني بعيد عن فلسطين من سنوات عديدة من أكثر من 60 سنة لكنها لا تغادر خيالي ولا ذاكرتي ولا تفكيري ولا تطلعاتي.
جهودي كلها -وهي حقيقةً مشاركات متواضعة أسأل الله القبول- من دروس ومحاضرات وندوات وفي مختلف المراكز والمساجد والمدارس والجامعات وكليات المجتمع أتكلم فيها دائماً عن الأقصى والقدس ووجوب تحرير فلسطين، ووجوب كره اليهود المحتلين وبيان فسادهم وجرائمهم ووجوب تحرير فلسطين منهم، وكل نشاط كنت أقوم به كان حديثي الأول فيه عن ذلك.
وأعانني الله على تأليف كتباً تتعلق بفلسطين منها: كتاب “الشخصية اليهودية من خلال القرآن” في سنة 1987 تقريباً أحد كتب في “كنوز القرآن”، وكتاب “حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية” وصدر منه طبعات متعددة وترجم إلى عدة لغات أيضاً، وكانت أصوله فصول ومقالات في مجلة فلسطين المسلمة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وأيضاً كنت أكتب مقالات في المجلات عن الأقصى والقدس ووجوب التحرير، والآن لي مشاركات متواصلة في وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب عن ذلك وهذا ديدن حديثي، بل إن صفحتي على الفيسبوك أغلقت أكثر من مرة من قبل إدارة الفيس المتصهينة لأنني كنت أتكلم عن الجهاد وجرائم اليهود وقد تم إغلاقها نهائياً ومنعوا فتحها مرة أخرى وما زال كلامي عن ذلك وخصوصاً عن وجوب تحرير فلسطين وعن حرمة التطبيع مع اليهود وأنه جريمة وخيانة يحرمها دين الله سبحانه وتعالى.
وأنا أستهدف بكلامي كل الأمة بكل شرائحها، أخاطب جمهور المساجد من خلال الدروس وخطب الجمعة بكل روادها رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً مع العلم أنني منعت من الخطابة من عام 1993 زمن اتفاقية وادي عربة، وفي الجامعات أخاطب كافة الطلاب والطالبات والشاب عنصر التغير، وفي كافة ما أقوم به من الأعمال من المحاضرات الندوات والمؤتمرات والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعي فالمستهدف عندي يكون كل المسلمين شباباً وشيباً ليعرفوا واجبهم نحو تحرير فلسطين ووجوب الجهاد والرباط وحرمة التطبيع مع اليهود والتنازل عن أي شبر منها، وما زال كلامي عن ذلك مستمراً وأنا لا أمل من هذا الحديث حتى لا ينسى الناس هذه المسألة إلى أن يحين وقت التحرير في قادم الأيام بإذن الله تعالى.
العالم الآن يعيش مشكلات ومصائب مختلفة مثل كورونا وغيرها، فأين تقع القضية الفلسطينية في اهتمام العالم بين هذه الكوارث، وما هو دور العلماء في إبقاء هذه القضية في واقع الناس واهتمامهم؟
صحيح، فإن عصرنا العجيب هو عصر المشكلات، والله تعالى ابتلى الناس بكورونا، وهذا الوباء العالمي إنما هو آية من آيات الله، والجميع يعيش اليوم في تحديات صعبة على مستوى الدول والشعوب والجماعات والأحزاب والأسر وأغلبها مستعص على الحل.
لكن علينا أن نعلم أن القضية الفلسطينية يجب أن تبقى القضية الأولى لكل مسلم ومسلمة في أي مكان في العالم، بل قضية كل إنسان على ظهر هذه الأرض، وذلك لأمرين، الأول: قداسة هذه القضية، فهي الأرض المباركة وهي أطهر أرض بعد مكة والمدينة، والخير موجود فيها وتاريخها الماضي تاريخ بركات وخير وتاريخها القادم تاريخ حسم وينتهي بمقتل الدجال فيها في فلسطين وهلاك يأجوج ومأجوج في فلسطين، وهي مهد المسيح عند النصارى وهي مسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام عند المسلمين.
الجانب الآخر، هو خطر الصهاينة على العالم كله، فهم سرطان يريد أن يسيطر على كل العالم، ويريدون أن ينطلقوا من فلسطين في إفساد العالم وتخريبه، ولذلك يجب أن نخاطب كل الناس ونحذرهم من الخطر اليهودي الفسيولوجي، فالشخصية اليهودية في حقيقتها تقوم على التخريب والإفساد، فهم الذين يلوثون العالم بالفساد الفكري من ناحية والتعري والدعارة والمخدرات والظلم والطغيان وسرقة الشعوب والنهب، كل هذا سببه اليهود في المقام الأول.
وهنا يأتي دورنا وخاصة أصحاب العلم والفكر، أن ندعو الآخرين إلى ضرورة ترتيب الأولويات في مواجهة المشكلات، ووضع قضية فلسطين كقضية أولى، وأن نفتح عيونهم على أن هذا هو الخطر المباشر الأول ضدهم وضد الإنسانية، وإذا قطعنا أصابع اليهود وأوقفنا خطرهم عن العالم فسوف يشكرنا العالم في المستقبل.
الله يعلم القوة التي نحن عليها وخاصة أهل فلسطين، والله يعلم أن الذين يقدرون على تخليص الناس من الخطر اليهودي هم المسلمون على أرض فلسطين، والعالم حقيقة عاجز عن مواجهة الخطر اليهودي، وذلك أتانا الله تعالى باليهود إلى فلسطين لنواجههم، والحقيقة أن الشعب الفلسطيني أكثر الشعوب عناداً فهو لا يستسلم بسهوله، ولا شك أن هناك ضعاف بل وأذناب للعدو، ولكن لا اعتبار لهؤلاء.
علينا أن نقنع العالم بأن القضاء على خطر اليهود سيؤدي إلى إضعاف المشكلات الأخرى، وعلينا أن نقنع العالم وخاصة العرب بأنكم في خطر إذا لم تفكروا في فلسطين والأقصى والخطر اليهود، بل وإيمانكم أيها المسلمون ليس صحيحاً ما دمتم لا تفكروا بمواجهة ذلك الخطر.
لكن في ظل شيوع الأزمات وخاصة في دول العالم الإسلامي، فما هي الأولويات بالنسبة لأهل تلك البلاد، أهي قضايا بلادهم أم قضايا فلسطين؟
كما قلت فإن القضية الأولى هي قضية فلسطين، وعلينا أن نركز على هذه القضية لتصبح هي البدهية عند العالم أجمع، وكما نعلم فإن كثيراً من البلاد الإسلامية ترفع شعار نحن أولاً، وهذه شعارات عنصرية خطيرة، والأصل أن يقولوا: الأقصى والقدس أولاً، وهذا ليس تعصباً، لأن الخطر اليهودي خطر على بلادهم وعلى حكوماتهم وعروشهم، لأن اليهود طامعون بهم وبعروشهم وبلادهم.
ولا أرى تعارضاً بين نصرة قضايا المسلمين في بلادهم وبين نصرة قضية فلسطين، بل يجب علينا أن ننصر المسلمين في كل مكان، والمسلمون هم الذين يبتلون بكل الابتلاءات، والدم الإسلامي هو أرخص الدماء، لأن المسلمين لا يجدون خلافة تظللهم وتدافع عنهم وتحميهم، بل إن زعماءهم ضدهم يتآمرون مع اليهود والأمريكان عليهم، والراعي هو عدو الغنم كما قال الشاعر عمر أبو ريشه، قال: لا يلام الذئب في عدوانه …. إن يكن الراعي عدو الغنم… زعماؤنا في العالم الإسلامي هم الرعاة الخائنون الذين سلموا الشعوب لليهود والأمريكان والصليبيين، ولهذا عاش المسلمون هذه الماسي.
ولذلك يجب علينا نحن العلماء والدعاة أن نسعف المسلمين وننقذهم ونعمل على إغاثتهم وحمايتهم، وأن نتبنى قضاياهم، وهذا لا يمنع أن القضية الأولى هي قضية فلسطين، لأن المسلمين لما يروا منا التأييد والنصرة فإنهم ينضمون إلينا في نصرة قضيتنا الفلسطينية ببعدها الإسلامي والإيماني.